قداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثانى

قداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثانى

وصية قداسة البابا شنودة الثالث لرعيته

وصية قداسة البابا شنودة الثالث لرعيته
وصية قداسة البابا شنودة الثالث مثلث الرحمات

السبت، 12 يناير 2013

أقوال آباء : القديس مارافرام السرياني


    3- في مدح سيرة الآباء السواح -1

    + الذي يحب الأمور العتيدة لا تغوص غرقًا أمواج المرئيات  لئلًا بسبب محبة المال يفنى بلهيب نارها مع الزوان.

    + الأمور الباطلة يحتقرها الحكيم ويستخف بهاوالعالم في عينيه محسوب عدمًا وخلاء.

    + هاموا جائلين في بطون البرارى وقفور الغربة أفلتوا من قيود الخطية وطين شهواتها. ما أعجب حكمة هؤلاء الناس! كم فاقت حكمتهم أولئك المأسورين بعبودية الغنى، وكنوز الأطماع كان كنزهم مرصودًا في السماء.

    + كل علل الحيدان عن الملكوت أبغضوها وكل ما يعرقل سيرتهم نحو الكمال تركوه.

    + رب الكل أحبوه السيد الذي تجثو له كل الركب عشقوه ولأنهم مقتوا المقتنيات.

    + صعدوا إلى علو السماويات وهم مازالوا بأجسادهم وحتى لا تؤخذ أرجلهم في شباك الغيرة والحسد هجروا الزوائل وتخلوا عن العابرات.

    + لم تعوقهم أجسادهم عن الصعود إلى العلولأنهم انحلوا من كل رباط، وتكسرت عنهم كل القيود والطمع عندهم صار مكروها ومرذولًا قمعوا أجسادهم الترابية واستعبدوها فنجوا من سهام الخطية وقيح جروحها.

    + على كفة ميزان الحق ظهر الفارق بين الجماعتين جماعة الذين أحبوا غنى العالم فسقطوا مكبلين بسلاسل شهوات الأرض, وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وجماعة الذين افتقروا باختيارهم فأخذوا أجنحة نارية,حلقوا بها في مجد السموات.

    + القوم الذين عاشوا في زمن نوح كانوا محبين للمال والفسق, فجاء عليهم الغضب وأهلكهم الطوفان لأنهم لم يرضوا الله..

    + أما أخنوخ فلكونه أرضى الرباختطف إلى الفردوس.

    + آخاب الذي أحب الممتلكات افترسته الكلاب كما هو مكتوب أما إيليا الذي جال في البرابري فقد ارتفعت به المركبة النارية إلى السماء.

    + هيرودس عاشق مال الدنيا رأى كل ماله يندثر عند الممات أما يوحنا ربيب البرارى والجبال فقد صار عظيمًا في ملكوت السموات.


    4- في مدح سيرة الآباء السواح -2

    + الحكماء يتأملون هؤلاء الرجال فيختارون ما هو أعظم وأسمى, يختارون طريق الحياة الذي يقود تابعيه إلى التحليق في جو السماويات..

    + هؤلاء عرفوا كيف يربحون حياتهم لأنهم عن العالم حسبوا نفوسهم مائتين.ولكونهم أماتوا عنهم شهوة الدنيا تقبلوا من الرب حياة لا تزول.

    + لذلك فقد صاروا لنا مثالًا يحتذى حتى نتبع خطواتهم فنقتدى بهم وعلى أجنحة الفقر الاختيارى يمكننا أن نطير ونحلق بهم.

    + بالحقيقة كانوا بشرًا وقد لبسوا جسدًا مثلنا ولكن بسبب حبهم لله فقد آثروا سكنى البرارى كالوحوش..

    + تركوا الأهل والأقارب وتخلوا عن القنية والبيوت وحسبوها ترابا في تراب لكى يقتنوا ملكوتًا لا يزول..

    + جالوا في البرارى هربًا من دنس الخطيةهاموا مثل الوحوش في القفار ليكونوا أهلًا لوليمة عرس الخروف.

    + عوضًا عن الطيبات والشهيات اقتاتوا بنبات البرية والأعشاب وعوضًا عن شوامخ البيوت سكنوا المغاور والكهوف.

    + كنسور كان عشهم في أعالى الجبال طارو عاليًا ولم يحطوا إلا على قمم التلال.عنهم تكلم النبى:(ليهتفوا من قم الجبال).

    + عوض النوم على سرير تمددوا على أرض المسكنة وعوض الوسائد اللينة ارتاحت رؤوسهم على الصخور.

    + عوض المائدة فى وقت تناول الطعام افترشوا الأعشاب فوق الركب ومن حجورهم تناولوا الطعام.

    + ليس مشروبهم من خمر, ولكن من الماء القراح.

    + عوضًا عن الأطياب والدهون لصق القذر بالجسوم نعم، فقد اسودت أجسادهم لأنهم أحبوا ذلك الحبيب المدهون.

    + عوضًا عن الثياب الحريرية لبسوا الخرق البالية، ومنهمن من تجرد عن الهدوم وعوض الأحذية الغالية انتعلوا الحفاء وعرى القدمين.

    + عوض ملاقاة الناس تآنسوا بالوحوش وعوض الأقارب الذين هجروهم نزلت الملائكة وافتقدوهم.


    5- في مدح سيرة الآباء السواح -3
   
    + صارت أجسادهم هياكل للروح, وعقولهم دشنت كنائس. صلواتهم صارت مجامر بخور, ودموعهم عطرًا ذكيًا.

    + تنهداتهم تقدمات, وتسبيحهم فرح ومسرة. مراثيهم جواهر ثمينة, وطهارتهم حجر كريم.

    + أنسكبت الدموع من عيونهم.  فردوا المخاطر عن الأرض. ولما صعدت تضرعاتهم إلى فوق  فاضت الأرض بالبركات.

    + ليس منهم من يفكر في قوت أو غذاء فهم دائمًا يحيون بالرجاء وليس من يطلب الكساء فقد صار لهم الإيمان رداء.

    + ولا من يستهويه مال العالم فقد صار كنزهم في السماء. لم يوجد بينهم من يفكر في قنية, فرجاؤهم وحده هو الفردوس. ولأنهم تجردوا من حطام الدنيا, لم يذهب منهم أحد للقضاء.

    + ليس بينهم تطاحن ولا عراك, لأنهم ملكوا المحبة فسكنت بينهم. ليس من يكره قريبه أو يبغضه,لأن ألفة القلوب وحدت بينهم.

    + طردوا الحسد من وسطهم لأنهم لم يطمعوا في ثراء ليس من يحنق على قريبه لأن جهدهم انصب على الباقيات ولا من يغضب على أخيه لأنهم تخلوا عن الأرضيات. فقد صاروا خلائق روحانية, وإن وجدوا بين الأرضيين. وشابهوا الملائكة السماوية, وإن عاشوا بين البشريين.

    + لم يثقلوا أنفسهم بمحبة العالم وقنيانه,ولا سمحوا لمحبة المال أن تخنق إرادتهم.  فالذهب عندهم كالروث,والثروات حسبوها كالتراب.

    + لقد طرحوا عنهم كل الشهوات, وقمعوا أجسادهم تحت نير الأصوام. داسوا على رأس الشيطان, فلم يقدر أن يمسكهم في شباكه. حطموا قيود الخطية, ففقدت سلطانها عليهم.

    + بات الشيطان تحت أرجلهم مذبوحًا, لأنه لم يقدر أن يصرعهم بأسلحته. ربطوه وطاروا أحرارًا, ولم يقدر أن يصطاد أرجلهم بحبائله. ولشدة تعذيبهم له، صرخ مغلوبًا لأنهم أفلتوا من فخاخه.  صار يزعق مولولًا تحت أمشاط جهادهم الحديدية,لأنهم أذلوه بأتعاب كدهم ونسكهم.

    + لازمه الخوف والرعب على الدوام,لأنهم قيدوا حركته بطول أسهارهم. أضعفوه وصاروا هم أشداء, وصلواتهم صارت له كسياط الجلادين.


    6- في مدح سيرة الآباء السواح -4

     + البرية القفرة المرعبة صارت لهم مدينة ملجأ.هناك تصعد ألحان قيثاراتهم عالية. وهناك حفظوا من كل شر.

    + الرعبة تراجعت عن البرية, لأن أبناء الملكوت سكنوها. صارت بالحق مدينة عظيمة,لأجل امتلائها بصوت تسابيحهم.

    + المكان الذي يحل فيه أحدهم يملأه السلام ويحوط به,لأن كل من يحب الله, تأتى الملائكة وتعسكر حوله. فهو وإن كان ساكنًا وحده كما يبدو للعين, إلا أنه يرتبط سرًا في قلبه بجماعات أبناء العلى.

    + وحيث يسكن اثنان منهم معًا, هناك تملك المحبة بينهم, ومع أنهما أثنان بالجسد,إلا أنهم واحد بالإرادة.

    + وكثيرًا ما تجد ثلاثة معًا. فتجد المحبة قد ألفت بينهم,هناك تهرب الفرقة ودهاء المكر,فلا يبقى سوى الحب وحده.

    + وإذا سكن أربعة منهم معًا يحل الروح ويرتاح للسكنى بينهم لأنهم في الحقيقة جسد واحد قد قدسه الله فصار هيكلا له.

    + لقد تمموا الوصية, حسبما أوصى بها الرب في إنجيله, حيث قال: من طلب أن يخلص نفسه,فليخسرها هنا وسط الأتعاب والأحزان. فأتعبوا أجسادهم وأهلكوها,ليس أنهم أبغضوها كغرض وحده,ولكن حتى يحضروها للفردوس في مجد فاخر.

    + شتاءً وصيفًا احتملوا أتعابًا كثيرة متنوعة: فى الشتاء احتملوا صقيع البرد وثلجه, وفى الصيف حرارة الشمس وقيظه.

    + ما خطر على قلب أحد منهم أن يطلب موضعًا مريحًا لجسمه, بل لخشونة الطقس وقسوته,  سلما نفوسهم في بأس وجرأة.

    + منهم من قطع عهدًا ألا يرى وجه إنسان, فهرب إلى البراري الداخلية, ليكون منفرداّ هناك وحده مع نفسه.


    7- في مدح سيرة الآباء السواح -5

    + بحكمة وتمييز اختاروا طريقهم. فحفظوا نفوسهم وصانوها من كل مضرة.  ولهذا السبب وحده, أحبوا الوحدة بعيدًا بعيدًا في القفار: لأنهم إذ مكثوا وحدهم, ظلوا في حماية من كل شر.

    + هناك عاشوا حيث لا يوجد إنسان  قد يؤذى نفوسهم ولو بكلمة,  أفواههم كفت عن كلام الهزء وامتلأت ألسنتهم كل حين بنغمات التسبيح. امتنعوا عن كل حديث ما جن. وانطلقوا يلهجون بترتيل المزامير بغير سكوت. سكنت ألسنتهم عن النم والذم. وفاضت عوضًا عن ذلك بتماجيد الرب.

    + هربوا من كل الأمور غير النافعة, والتزموا بكل ما يبنى نفوسهم وأرواحهم.

    + حملهم الوحيد هو شعر جسمهم  والثوب الذي يستر أجسادهم

    + بعضهم يتدثر بالمسوح والبعض الآخر يلبس ثوبًا من قش مجدول.

    + تنزف الدماء من أقدامهم,لأنهم حفاة يمشون اليوم كله تنضنك أجسادهم وتتآذى, من كثرة ما يلتصق بها من قذر الطريق.

    + كل موضع يحل فيه أحدهم, هناك ينصب صليبه وهناك تصير كنيسة.وحيثما يدركه مغيب الشمس,هناك يجد هيكلًا مكانًا لراحته.

    + مائدته تمتد قدامه,فى أي موضع يحط فيه, حيث عندما يحين وقت الطعام, يلتقط أعشابه ويأكل.

    + من كل عشب يلتقط ويأكل بإيمان وكل ما يتبقى عنه يتركه خلفه ويمضى في طريقه. لأنه سمع ذلك القول: (لا تهتموا بما للغد).

    + لم يخشوا مرضًا, لأنهم سروا بالآلام. ولم يرتعدوا من الموت,لأن الموت عندهم راحة من الأتعاب.

    + وحيث أنهم ماتوا هنا عن العالم, فقد آمنوا أنهم سيحيون هناك لله.

    + يذكرون دائمًا الكلام, الذى كلم به الملاك دانيال قائلًا: (أما أنت فاذهب إلى النهاية فتستريح). كانوا واثقين أن الموت رحمة.

    + ولأن الموت الزمنى,هو رحمة للأبرار,استهانوا به واحتقروه,  حتى صار عبدًا ذليلًا خاضعًا لهم.

    + بماذا آذى الموت أليشع النبى, الذى نزل إلى الهاوية, أقام ميتًا ومن أنياب الموت انتزعه.


    8- في مدح سيرة الآباء السواح -6

    + ولأنهم استودعوا الجسد والروح في يدى الله, لم تغتم نفوسهم مقابل البلايا الجسدية.

    + حيثما أدرك المرض متوحدًا منهم, لا يجد رفيقًا يعوده, ولأنه استودع حياته في يد حالقه,فإن قوة العلى تتولى رعايته.

    + وحيث لا يوجد من يعد له طعامه, ولا من يعتنى به في رقاد مرضه,  يقوم الروح القدس بإنعاشه, ومنه يتقبل قوة وثباتًا.

    + وحينما تقترب النهايةويحين وقت الانتقال  فلأنه لم يجعل من الأمور الأرضية متكله,  تقوم الملائكة بتكفينه,  والمكان الذي يشهد موته, هناك يكون قبره.

    + ومثل بذرة في شق الأرض, يبقى محفوظًا إلى يوم القيامة.

    + وإذا جاءه الموت, وهو في كهف أو مغارة وحده,يصير له الكهف قبرًا,وهناك تكرم ذخيرة جسده ككنز أعلى من كنوز الدنيا وأثمن..

    + وإن أدركته النهاية في شق صخرة,هناك يحفظ جسده, وملاك الله ينزل كل حين, ليكرم كنز عظامه الثمين.

    + ولأنهم عاشوا في وحدة.  بعيدًا يسكن كل واحد عن الآخر, وحيث يموت الواحد بعيدًا عن أعين الباقين, فإن المعونات الإلهية تتكاثر عندهم.

    + ومن يوافيه الأجل في مغارته, أو إذا جاءه اليوم الأخير, هناك تقاوم وليمه عرس فرحه, وهناك يبقى فيها إلى يوم القيامة.

    + بعضهم في ظل جرف من الجبال, يكمل حياته وجهاده, وهناك تحفظ عظامه, كجواهر لامعة تشع نورًا وضياءً.

    + والبعض يأتيه الموت, وهو واقف يصلى، وهكذا يرقد.  وبينما القلب يودع الحياة متنهدًا, تقتني النفس أجنحة تطير بها إلى السماء عاليًا.

    + والآخر وقت الخدمة،تدركه ساعة الرحيل, وبينما فمه يفيض تسبيحًا, ينطلق راحلًا ليستريح من أتعابه.

    + وواحد بينما يتناول طعامه, تدركه المنية فيرقد, ومن مائدة الأعشاب البرية, تأتيه الدعوة ليشترك في مائدة الوليمة الأبدية.

    + والذي يصل إلى نهاية سعيه,وهو متكئ على مسند, هناك يبقى جسده, ألى يوم القيامة.

    + وآخر أيضًا يكمل جهاده, وهو في الطريق حيث يرتحل, وهناك يحظى براحته, ويتخلص من هموم أتعابه.


    9- في مدح سيرة الآباء السواح -7

    + من أجل رجائهم كانوا محروسين, لأنهم على الرجاء كانوا يجاهدون.

    + لم يكن هناك من يغلق أجفانهم,ولا من يواري أجسادهم. فالواحد ينتقل إلى الراحة الأبدية, وهو راقد ساند رأسه على حجر,والآخر فيما يضع رأسه بين ركبته, ترحل نفسه إلى الوطن السمائى وتنتقل.

    + أصوات النحيب لا تسمع عندهم.ولا مرثاة تتلى في مواضعهم, فملائكة العلى تأتى, لتنشد بالألحان حولهم.

    + في موتهم لا يوجد حزن ولا بكاء عند انتقالهم. لأن موتهم نصرة وغلبة, إذ قد قهروا العدو وهزموا خصمهم.

    + لا يحزنون إذا مرضوا.ولا يتضايقون إذا جربوا, فالأمراض تهبهم قوة, والتجارب تزيدهم خبرة.

    + لا يتزينون بالثياب الغالية, لأنهم يتسربلون بثوب الإيمان, ولا أحد يعرف قبورهم, فهم في الفردوس يقيمون.

    + لا يحملون بكرامة على الأكتاف, وتراب الأرض صار لهم كفنًا.الوضع حيث يموت أحدهم, يصير بعينه له قبرًا.

    + وحالما ترحل نفس أحدهم, تاركة عنها أعضاء الجسد, تؤخذ للحال إلى مخازن الحياة, هناك تحفظ ليوم القيامة.

    + وتلك المواضع المهجورة حيث تبقى عطامهم, تصير مخيمًا، وهناك تعسكر الملائكة. وأينما وجد جزء من ذخيرتهم,هناك تخدم الملائكة بالتسبيح.لأن جموع الملائكة,يرسلون إلى حيث مقابرهم, ليقدموا خدمتهم أمام عظامهم,حتى يتكللوا بتماجيد النصرة.

    + هؤلاء الناس رأوا العالم يشبه البحر,والأمواج فيه تضرب بعنف سفينة كل إنسان, لهذا خرجوا منه, ونجوا, لئلا تغرقهم أمواجه.

    + هربوا من ذلك البحر بحكمة، وفى السماء ثبتت سفينتهم مراسيها, (وإن كانت البرية لا تخلو من رياح عاتية أشد قسوة من الأمواج).

    + ولأن العالم يصطاد الناس في شباكة بالغنى, هجروا العالم بتمامه, ولأن محبة المال خنقت المولعين به, استهانوا هم به واحتقروه وتركوه ومضوا.

المصدر :  http://st-takla.org